ترافع الجمعيات البيئية من أجل حماية ضايات المغرب

فعاليات تدقّ ناقوسَ الخطرِ وتطالبُ بوقفِ القضاء على الضايات والمناطق الرطبة

طالبت بعض الفعاليات الجمعوية، النشيطة بالبيئة، بتدخل رسمي حازم لضرورة وقف إتلاف الضايات المائية، مباشرة بعد أن شاعت أخبار مؤخراً تهم إزالة بعض الضايات، كضاية الوليدية، وضاية التقدم بالرباط، وآخرها ضاية دار بوعزة بالدار البيضاء.

ويأتي هذا مباشرة، بعد أن رفضت محكمة الاستئناف الدار البيضاء، تعرض وكالة  الحوض المائي لأبي رقراق، على تحفيظ “ضاية دار بوعزة”، التي تعتبر آخر بحيرة مائية بجهة الدار البيضاء سطات، رافضةً طعن وكالة الحوض المائي لأبي رقراق، في صحة الملكيات التي تأسس عليها مطلب تحفيظ “الضاية”، التي تدخل ضمن الملك المائي للدولة المغربية.

وحسب المختصين في الموضوع، تعتبر ضاية دار بوعزة، آخر المياه الطبيعية في المنطقة حيث يستفيد من خدماتها السكان، كما أن لها تأثير جد إيجابي على النظام البيئي والتنوع البيولوجي، حيثُ تشكل موطناً ل180 نوع من الطيور، بعضها نادرٌ ومهددٌ بالانقراض، كما تأوي عدداً هاما من البرمائيات، والذي يقارب 300 نوع من الحشرات وأكثر من 120 نبات.

وفي هذا الصدد، قالت رحيمو الحمومي، رئيسة مجموعة البحث من أجل حماية الطيور بالمغرب، في تصريح لبناصا، أنه “وفقاً للقانون المغربي، فأي منطقة رطبة أو وسط مائي فهو يعد في ملكية الدولة، وحسب ما هو متداول فضاية دار بوعزة واجه المستثمرون صعوبات بخصوص تحفيظها خلال فترة الحماية الفرنسية، إذ رفضت السلطات الاستعمارية تحفيظها لصالح بعض العقاريين، وهو نفسُ الأمر الذي أقدم عليه هؤلاء الذين حكمت المحكمة لصالحهم”.

وأشارت الحمومي، أن “المعرفة بالأهمية حاضرةٌ لدى المستثمرين، ولكن الوعي غائب تماماً، لاسيما أنه عندما يطفو النقاش بخصوس قضايا البيئة والمناطق الرطبة، تعلو الرؤى المختلفة والمتناقضة، حيثُ ينظر الفلاح من جهته والمجتمع المدني من زاويته، والمستثمر من ناحيته، ويحدث تضارب المصالح”.

واعتبرت الأستاذة الجامعية بكلية العلوم بن مسيك بالدار البيضاء، أن “تلك الضاية كانت تشكل متنفساً لساكنة الدار البيضاء وتستعمل في التحسيس والتربية البيئية لفائدة التلاميذ، لأنها كانت قريبة للبيضاء” مستهجنةً “الطابع المادي لشركات العقار التي تعتبر الريح أهم من الثروة البيئية، لاسيما أن العقار في الدار البيضاء مرتفع ونظراً لأنه سوق مربحة في جهة دار بوعزة”.

وفي ذات المنحى، قال عماد الشرقاوي، رئيس جمعية الطبيعة حلول، أنه بفضل الضايات “حتى ماض قريب كان المغرب من بين أغنى بلدان شمال أفريقيا توريداً للمياه والمناطق الرطبة. بيد أن هاته الإجراءات تدخل في إطار الاستغلال المفرط واللاعقلاني للموارد المائية، وتنضافُ إلى التجفيف والتلوث.” مردفاً: أن”الجفاف الدائم أصلاً قلص هذه المناطق إلى بضع منها والتي هي بدورها مهددة بشتى أنواع الاستغلال الأناني والبشع من طرف الدولة وبعض المقاولات أو بعض المواطنين”.

واستنكر الشرقاوي، في تصريح خص به جريدة بناصا، القضاء على الثورة المائية والمناطق الرطبة من طرف الدولة، التي تستغلُ هذه الفضاءات لتأهيل مشاريع البناء، أو حتى السماح بتمليكها، معتبراً أن “دور المناطق الرطبة جد مهم بل وحساس على المستوى البيئي والاجتماعي وحتى الاقتصادي.” مستطرداً: “فأدوار المناطق الرطبة تشمل: توفير الغذاء (أسماك، رز..)، الماء، و العمل (سياحة بيئية، مواد أولية..).” مؤكداً أنها “تلعب دورا مهما في الحماية من الفيضانات بإستيعابها لمياه الأمطار و الوديان الفائضة و حماية العمران و الانسان”.

وأفاد الشرقاوي، أن “اختفاء الضايات سيسبب بدون أدنى شك مشاكل اجتماعية وبيئية ستضر بمصلحته في القريب العاجل إذا لم تستغل بشكل مستدام وإذا لم تتم حمايتها كمنظونات بيئية استراتيجية لا تقل شأنا عن الغابات، باعتبارها ملجأً لثروة حيوانية و نباتية لا نظير لها.”

وشدد على أن “المناطق الرطبة تقوم بتصفية المياه من العوالق السامة، و شحن الفرش المائية والتخفيف من تأثير الجفاف و امتصاص ثاني أكسيد الكربون، المسبب الأول في الاحتباس الحراري، فضلاً عن دورها في حماية التربة و البحار.”

ومن جهتها، أكدت حليمة بوصديق، رئيسة الجمعية، المغربية لمصوري الحياة البرية، أن هذه الإجراءات المدمرة للبيئة تأتي “في الوقت الذي تعرف فيه مواردنا المائية ندرة غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي أدت إلى ارتفاع في درجات الحرارة و شح في التساقطات المطرية.” معتبرةً أن ما تتعرض له “مناطقنا الرطبة من تدهور، ناتج عن سوء تدبير و تجاهل للأدوار التي تلعبها هذه الأوساط ونقض للمعاهدات الدولية التي انخرط فيها المغرب، والتي تحث على حماية البيئة”.

وزادت بوصاديق، أنه “بعد تجفيف ضاية عوة الرائعة وضاية أفرح بالأطلس المتوسط نتيجة لضخ المياه واستعمالها استعمالاً غير معقلن في القطاع الفلاحي، يشطب على العديد من الضايات من لائحة المناطق الرطبة على الرغم من غناها من حيث التنوع البيولوجي، في الآونة الأخيرة كضاية الوليدية، وضاية التقدم بالرباط، وضاية دار بوعزة بالدار البيضاء”

واعتبرت الفاعلة الجمعوية والنشيطة بقضايا البيئة أن “هذا استهتار بثروتنا الحيوانية و النباتية وبمواردنا المائية في وقت نحن بأمس الحاجة للحفاظ عليها وتدبيرها تدبيرا معقلنا.”

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.